العبور للمستقبل


كان العنوان الذي دخل منه الاردن لمرحلة جديدة هو إجراء الانتخابات بنجاح انبثق عنها برلمان جديد . و شكل هذا الانجاز الديمقراطي مدخلاً حقيقياً لإحداث التحولات الديمقراطية وفق مبادئ الدستور ، يساعد على تضافر جميع شرائح المجتمع لحل الازمات السياسية و الاقتصادية و رسم خطط التنمية التي تؤدي الى تحرر الاقتصاد من الإلحاق و التبعية .
إن الظروف التي يمر بها الاردن تتطلب من القوى السياسية و الاجتماعية و الشخصيات الوطنية النهوض بدورها لتتحمل مسؤولياتها التاريخية التي تمليها عليها المرحلة الراهنة . و إن مصلحة الوطن و المواطن يجب أن تسمو على اية مصالح اَنية ضيقة . و يبقى السؤال المطروح بعد ظهور النتائج النهائية و تشكيل المجلس النيابي السابع عشر : ما هي الرؤية الجديدة التي يحملها أعضاءُ المجلس الجديد لإعادة بناءِ الدولة و المشاريع السياسية التي ستكون عنوان المرحلة القادمة ، للعبور للمستقبل و تغيير المشهد السياسي الحالي ؟؟
لقد كانت الانتخابات مسألة هامة حدثت في الساحة الاردنية ، نتج عنها مجيئُ مجلس نيابي منتخب ، أضاف عنصر تماسك من حيث أنه ملأ فجوة في الشرعية تسند الساحة السياسية كلها ، و قبل انتخابات مجلس السابع عشر كانت هناك فجوة مؤسسية ، و عندما امتلأت هذه الفجوة بمجلس نيابي منتخب ، فقد اصبحت الساحة السياسية تستند على ارضية صلبة ، و هذا مكسب كبير ; فالانتخابات هي جوهر الديمقراطية ، و إن الهدف لكل نظام سياسي هو الحصول على رجال يملكون القدر الاكبر من الجكمة و الادراك و الفضيلة لتحقيق الهدف المشترك للجميع .
إن المطلوب للوصول للإصلاح هو تشكيل اقوى حكومة في تاريخ البلد ; بحيث تتألف من خيرة الكفاءات البعيدة عن الشبهات ; الكفاءات السياسية ، و الكفاءات القانونية ، فهذه المرحلة المفصلية من اهم المراحل التي يمر بها البلد . إن هناك ملفات كثيرة موجودة يجب أن تفتح ، و أن هناك تجاوزات حدثت في المرحلة الماضية و يجب التحقيق فيها . إن الهاجس العام يجب أن يكون المستقبل و كيف نصنعه ، من خلال الحوار الحقيقي الذي يشترك فيه الجميع ، من أجل خلق حياة سياسية قادرة على تحريك كل الاطراف ، لخلق قيادات جديدة ، قادرة على قيادة الدولة بسلطة الشعب المباشرة .
و عند الحديث عن الفساد المالي و الإداري ، و محاسبة المسؤولين ، فإن ذلك لا يعني أن نعطل المستقبل ، لكي نحاسب على ما جرى سابقاً . و عندما نتحدث عن الفساد يجب أن نتحدث عن ملف الخصخصة كله لأنه ملف واحد ، بالإضافة الى ملف بيع الاراضي الذي حدث فيه ما يشبه النهب .
أما موضوع تغيير الرؤساء و المجيئ برؤساء و مسؤولين جدد ، فإن مقولة اللابديل غير صحيحة ، و إن الدولة لا تحتاج الى توريث ، لان الساحة قد تغيرت و لم يعد مجال البحث من البدائل محصوراً ، بل اصبح ممكناً أن تجيئ َ البدائل من داخل العمل السياسي . المهم أن الباب انفتح على مصراعيه ، و سقط الحصار الذي كان مفروضاً على الساحة السياسية .
لقد أُوكل للكتل النيابية التي انبثقت من المجلس الجديد مهمة التشاور مع رئيس الديوان الملكي ، فباشرت هذه الكتل في عقد الحوارات مع نفسها و مع بعضها لوضع تصوراتها لشخصية رئيس الحكومة القادم ، محددة مواصفاته ، و برنامجه ، للنهوض بقيادة المرحلة القادمة . فتباينت الاشتهادات فيما بينها و أصاب بعضها التشظي لأسباب لا مجال لذكرها .
لكن الذي يُراد الحديث عنه هو قانونية هذه الكتل ، و بخاصة أنها تشكلت من نوًاب لكل منهم رؤيته ( الحكومة البرلمانية ) و كيفية تشكيلها .
لم يتطرق الدستور و كذلك النظام الداخلي للمجلس لإسلوب تشكيل الكُتل النيابية و جاءت موادهما خالية من أي حديث عن الكُتل . و تنبع أهميتها في مجلس السابع عشر بأنها ستؤسس لكيفية تشكيل حكومات و اختيار رؤساء الوزارات في المراحل الاحقة . و هذه الالية الجديدة تستدعي إيجاد نظام قانوني لها يدرج في النظام الداخلي الجديد للمجلس ، ليستند مجلس النواب الى اسلوب قانوني عند إختيار الوزراء و رئيس الحكومة .
إن المجلس النيابي السابع عشر تقع عليه مهمات كبيرة ، و مسؤليات مضاعفة ، فهو المدخل الحقيقي للتحول الديمقراطي و الاصلاح و التغيير و هو الممثل الشرعي للشعب ، و الشريك الاساسي في صناعة القرارات التي يجب ان تنعكس بشكل ايجابي على مختلف اطياف و مكونات المجتمع في بواديه و قراه و مخيماته ، يتحدث بإسمهم ، و يعبر عن تطلعاتهم و أمالهم في الحياة الحرة الكريمة .
و المجلس النيابي السابع عشر هو بوابة العبور ، و نقطة التحول التاريخي للوطن ، يؤكد على النهج الديمقراطي الذي يحمي المواطن و يعزز حريته و حقه في التعبير عن رأيه و معتقداته . و هو الحاضنة السياسية للحوار الوطني الذي ينبثق عنه المؤتمر الوطني العام للوصول الى الاردن المتجدد الجديد ، القائم على العدل و المساواة و سيادة القانون ، للوصول الى بناء الدولة المدنية الحديثة ، دولة المؤسسات ، حيثُ لا مكان فيها الا للمواطن المنتج المسؤول المنتمي العامل من أجل البناء و التحديث و التعمير .
فهل ينجح المجلس السابع عشر في هذا المارثون الطويل ؟ و هل يتمكن من اجتياز المطبات التي قد تعترض طريق عمله للوصول الى حيثُ يتطلع و يرنو ؟ .

حسن عجاج عبيدات
نائب وطن
2\3\2013



تعليقات القراء

هذلول
العبور للمستقبل
او
Crossing into the future

From the book, 2012: Crossing the Bridge to the Future by author
Mark Borax

"Between 1987 and 2012 the destructive impact of humanity peaks out so it can resurrect. The world's getting worse in order to get better."
03-03-2013 09:35 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات