تحديد الهوية الأردنيه .. ضمان للهوية الفلسطينية


بات من الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى تحديد الهوية الوطنية الأردنية وبشكل واضح دستوريا وقانونيا ،أو عبارة أخرى تحديد من هو الأردني الذي يجب أن يتمتع بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة ، وتحديد الهوية الوطنية بشكل واضح هي الضمانة الوحيدة القادرة على تحصين المجتمع الأردني ضد دعاة الفتنة وتفتيت وحدته الابديه ، وخصوصا أن هناك تغيرات واسعه تشهدها الساحة الاقليميه سوف تفرض علينا تحديات جديدة تحتاج منا جميعا التعامل معها بحكمة وعقلانيه .

مفهوم الهوية الوطنية مازال ملتبسا عند الكثيرين فالهوية الوطنية ليست معطىً محدداً، جامداً، انها عملية منفتحة على مؤثرات عدة، تتأثر بها، منها مكان الولادة والإقامة والعمل والمدرسة والجامعة التي ارتبطت بها ذكرياته وأحلامه، إضافة الى اللغه، والدين، وانتمائه لعائله معينه أو عشيرة، جميعها تشكل معاً عناصر هويته ، وبذلك نستطيع اعادة تركيب الهوية وترتيب العناصر التي تكوّنها من دون وجل أو خجل .

ومن هذا المنطلق نقول ان معظم الذين ولدوا على ارض الدولة الأردنية وارتبطوا بالمكان منذ طفولتهم باحلامهم وذكرياتهم جيلا بعد جيل وانصهروا في وحدة واحدة مع باقي أطياف المجتمع الأردني من خلال التصاهر واختلاط الدم وحصلوا على وثائق رسمية لميلادهم وجوازات سفر أردنيه بأرقام وطنيه قبل فك الارتباط ( قبل عام 89) ،هؤلاء جميعا اردنيو الوثيقة والهوية ولا احد يزاود على أحد.

قرار فك الارتباط (تم إعلانه في 31\7\1988) ، قرار صدر بناء على رغبة فلسطينيه ، أي قرارا بفك الهوية الفلسطينية عن الهوية الأردنية ، خصوصا أن قرار فك الارتباط تبعه بعدة شهور إعلان استقلال فلسطين (15\11\1988 ) ، وهو الإعلان الذي اعترفت به 108 دول، هذا القرار السيادي لم يترجم دستوريا ولم يعرض على مجلس النواب الأردني لإقراره ، ولم يعدل قانون الجنسية الاردني الحالي ( الذي شرّع في عهد وحدة الارتباط بين الضفتين) ، فبقيت المسالة تتأرجح ، وعلى ارض الواقع استمر التجنيس بناء على قانون الجنسية الأردني الحالي الذي يعتبر لاغيا قانونا (ضمنيا) ، لان الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين المحليه فاتفاقية وادي عربه فصلت الضفة الغربية عن سيادة المملكة الأردنية الهاشميه وكان الواجب تعديل قانون الجنسية فورا لينسجم مع الاتفاقية الدوليه .

والحقيقه أن عدم تقنين فك الارتباط دستوريا وعدم تحديد الهوية الوطنية قانونا بتعديل قانون الجنسية وتركها لتعليمات تصدرها وزارة الداخليه، خلق معضلة حقيقة تتمثل في تحديد البعض لهويتة الوطنية ، فهو من جهة يريد الجنسية الاردنية ليحصل على حق العمل والصحة والإقامة والسفر والترشح والانتخاب ومن جهة اخرى يشعر بداخله ان هويته الوطنية هي فلسطينية ،وإني لمدرك تماماً أن هذا التأرجح في تحديد الهوية أمر مثير للارتباك للفلسطينيين أنفسهم،وحتى للأردنيين وخصوصا أن عدونا جميعا ، لم ينفك يحاول تذويب الهوية الوطنية الفلسطينية وحتى الهوية الأردنية بهدف إنكار حقوقهم المشروعة .

وحقيقةً... يدرك أبناء فلسطين وإخوتهم وحتى أعداؤهم والغرباء البعيدون عنهم، ان جل حريتهم هو في تمكنهم من اختيار هويتهم، ولتحقيق الاستقرار والانسجام مع أنفسهم اولا كما للغير، من دون أن يفرض عليهم أحد مضمون تلك الهوية، ولا ينبغي أن تكون حريتهم أنقص من حرية غيرهم .

وبناء على ذلك على كل واحد ان يختار هويته الوطنية بقناعة تامه ، فمن اختار طوعا ان يكون أردنيا فليس له حق العودة والتعويض فلا يعقل ان الاردني يطالب بحق العودة والتعويض ويحق له المطالبة باملاك الأجداد أينما كانت كأردني فقط ، ومن اختار ان تكون هويته الوطنية فلسطينية فنكبر ذلك فيه وله حق العمل والصحة والإقامة والتنقل متساويا مع حقوق الأردنيين باستثناء حق الانتخاب والترشح والانضمام لعضوية الأحزاب والجمعيات الأردنية خصوصا بعدما تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية مؤخرا من قبل هيئة الأمم المتحدة ( عضو مراقب) ، وان يتم ذلك بقانون يشرع من قبل مجلس النواب الاردني السابع عشر بعدما يتم عرض قرار فك ارتباط واتفاقية وادي عربه على المحكمة الدستوريه للبت في ذلك وبصفة الاستعجال ، وفي أولى الجلسات وقبل البحث في تعديل قانون الانتخاب لتحديد الهوية الاردنية بشكل واضح ، فقانون الانتخاب العصري الذي طالب به بايدن (نائب الرئيس الأمريكي) في عام 2003 يهدف إلى تذويب الهوية الوطنية الاردنية والفلسطينية معا وليس من المقبول أبدا تعديل القوانين الناظمة للحياة السياسيه قبل تحديد الهوية الوطنية الاردنية ، وليس من المقبول كذلك أن يطالب بعض النواب بمنح الجنسيات وإعطاء الحقوق السياسيه للمجنسين بعد عام 1989 قبل الفصل في صحة جنسيتهم أصلا ، كان الأجدر بالنائب المحترم تقديم مذكرة للمحكمة الدستورية للبت في دستورية قرار فك الارتباط ودستورية قانون الجنسية الحالي .

أعضاء مجلس النواب السابع عشر عليهم تحمل المسؤولية لتحديد الهوية الاردنيه ، بطرح الاشكاليه على المحكمة الدستورية أولا وقبل إقرار قانون انتخاب جديد وقبل المطالبة بالتجنيس ، وبذلك يتحقق الوضوح والانسجام بيننا جميعا كأخوة نحمل هما واحدا لتحصين الوحدة الوطنية ، ولمجابهة العدو المحتل في مساعيه الخبيثة في اقرارمشروع الوطن البديل ، والسعي معا لترسيخ الدولة الفلسطينيه التي حصلت على شرعية دوليه حديثا ، يدا بيد أخوة متماسكين ومتوافقين على العهد كما كان أجدادنا ، فالمرحلة حرجه وبحاجة الى توحيد الصف والتصدي لكل تصريح مندس ، حمى الله الأردن وفلسطين الشقيقه من كيد المتآمرين ...اللهم آمين
كاتب وقانوني
msoklah@yahoo.com



تعليقات القراء

لن اكون .....
نعتذر عن نشر التعليق
26-02-2013 11:44 PM
هذلول
......
رد من المحرر:
نعتذر.....
27-02-2013 08:22 AM
ناصر الخزاعله
شكرا اخ محمد على هذا المقال وهذا الموضوع يجب معالجته فورا لكي نتخلص من اللعب الذي اتخذته الحكومات كفزاعة لكلا الطرفين ، لتنتج قوانين لا تصب الا لصالحها .
02-03-2013 03:25 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات