البرلمان ورحلة البحث عن رئيس الحكومة


اصبح من الواضح ان المشاورات التي اجراها وما زال يجريها رئيس الديوان الملكي فايز الطراونه مع الكتل النيابية لاختيار شخصية رئيس الحكومة القادمة لم تحقق ما يذكر قي انجاز المهمة الملكية المكلف بها الطراونه ، ولا يمكن وصف هذه المشاورات الا بانها مرحلة اولى من المفاوضات او جس نبض واستطلاع اولي لمواقف النواب التي لم تسفر حتى الان عن اي شيء ، وتؤكد هذه المشاورات عدم قدرة النواب الذين التقاهم الطراونة حتى اليوم على مساعدته بانجاز مهمته ، ويظهر بوضوح ان على الطراونه نفسه ان يبادر بتقديم طروحات اوضح وتصورات ادق وربما اسماء شخصيات للرئيس المنتظروالخروج بتوافق نيابي عليها من اجل تحقيق مهمته.
المشهد وحسب ما يرشح من المصادر النيابية صعب ومعقد و يحتاج الى بصارة وعرافة للافتاء بتشكيل الحكومة واختيار رئيس لها يحظى بالاغلبية النيابية ، فالكتل البرلمانية التي التقت الطراونه حتى الان لم تقدم مرشحا واحدا لرئاسة الحكومة ، واكتفت بطرح مواصفات ومعايير عامة للرئيس المقبل بعيدة عن الوضوح والتحديد وحمل بعضها معايير عبثية كالنزاهة والحس الوطني والشفافية في دلالة واضحة على ان هذا السلوك النيابي لا يمكن تفسيره الا بانه تهرب من المشاركة في الاختياروهو ما يفسر بانها محاولة للتهرب من تحمل المسؤوليات عن اداء الحكومة المقبلة وافشال المشروع الاصلاحي الذي يقوده ويدعو اليه جلالة الملك ورمي الكرة في ملعب جلالته لتحمل المسؤولية وحده عن اخفاقات ونجاحات الحكومة المقبلة ، هذا اضافة الى انه اي السلوك يؤكد بلا شك عدم توفر مبادىء عامة او برامج تجمع هذه الكتل المتشكلة للتو وبالتالي هلامية وهشاشة هذه الكتل وهو ما ينذر بفشل الاداء البرلماني والحاجة السريعة لاجراء انتخابات جديدة لتوفير مجلس نواب قوي قادر على مواجهة التحديات وتحمل المسؤوليات في هذه المرحلة الحساسة في عمر الدولة الاردنية.
حتى ظهر اليوم الاربعاء لا تزال مواقف الكتل البرلمانية غير واضحة فيما يتعلق بشخص الرئيس ، حيث دعت كتلة الوسط الاسلامي على لسان الناطق باسمها وهي من اكبر الكتل الى اجتماع مساء الجمعة بمشاركة الكتل النيابية والاعضاء المستقلين لبلورة موقف محدد من قضية الرئيس ، في حين يتم عشية استئناف المشاورات مع الطراونه التحضير في كواليس المجلس وعلى نار هادئة العمل على ايجاد ائتلاف برلماني جديد يسعى لمخالفة التوجه العام للنواب بعدم تسمية رئيس الوزراء الجديد وتقترح اسماء محددة للطراونه لنقلها الى جلالة الملك . يقابل هذا التوجه موقف الكتل البرلمانية الثلاث ( الوعد الحر ، النهج الديمقراطي والمستقبل ) التي اتفقت اليوم ايضا على وضع شروط ومواصفات الحكومة المقبلة ورئيسها لتقديمها الى رئيس الديوان الملكي والتي تؤكد فهمها لحديث الملك عن الحكومة البرلمانية وضرورة ان تكون من رحم مجلس النواب ، مؤكدة تحولها الى المعارضة في حال عدم الاخذ بشروطهم في تشكيل الحكومة. الغائب الوحيد في طروحات النواب امام الطراونه هو البرامج للحكومة القادمة والطلب من الطراونه تقديم شخصية تلتزم بهذه البرامج وهو ما يمكن هذه الكتل من اعطاء الثقة ، ولكن من الواضح ان الكتل لا تملك اي برامج وبالتالي فهي مضطرة الى هذه المناورات التي ابدتها مع الطراونه من خلال تقديم مواصفات هلامية للرئيس القادم.
وامام هذا الواقع من عدم قدرة النواب على تقديم برنامج توافقي للحكومة فان البديل الوحيد للخروج من هذا المأزق سيكون بالعودة الى النهج القديم في تشكيل الحكومات، وذلك من خلال كولسات فردية يتم من خلالها استقطاب النواب فرادى لحشدهم الى جانب الرئيس الجديد، الامر الذي يعني عودتنا للمربع الاول القاضي بضرورة البحث عن مجلس نيابي قادر على عمل ائتلاف قوي منسجم في مواقفه وطروحاته .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات