جدل .. وقلة عمل


لو تتبعنا واقعنا المعاش لوجدنا الكثير من الفتن والمصائب والأهوال ، سببها الجدل،لأنها فتنة أبتلينا بها في بلدنا بل في عالمنا الذي نحن جزء منه، وقد يكون الجدال سببا في مشاكل كثيرة لا تحمد عقباها، لعدم تقبل طرف من طرف في حوار أو موضوع يؤدي إلى ما تحمد عقباه .
الجدل مصطلح يوناني يعني أصلاً فن الحوار أو النقاش. وهو علم القوانين الأكثر عمومية التي تحكم الطبيعة والمجتمع والفكر.
ولكننا ابتعدنا عن سمة فن الحوار ، اوفن النقاش ، وانتقلنا الى حلبة للصراع ، والصراخ والسب والشتم والتحقير .
فالكثير من مجالسنا تضج بالجدال ،الذي قد يصل لحد التعصب ، وإن لم يصل للسب والضرب احيانا ، بل قد تصل الأمور إلى حد القتل على أمور تافهة.
فتجد من يجادلك بغيروجه حق .، ولا من أجل مصلحة قد تفيده أو تفيد غيره ، بل من أجل لا شئ ، إنما من أجل الحقد ولغاية في نفسه ، او للبغضاء ، وحبا للشهرة ، وإظهار نفسه ، وحبا بالزهو والخيلاء ، من أنه ذو نقاش وجدال لا يفتر له قول ، ولا تضيق عليه القدرة بالمجابهة والنزال كما يخيل إليه .
وقد يكثر الجدال في مناسبات وأوقات منها الإنتخابات ، الترشيحات ، المظاهرات ، المناظرات ، الإجتماعات ، التعينات لمناصب علياء في الدولة ، او غيرها من المواقف الحياتيه المعاشه .
ولهذا قد نجد من تنطبع به صفة الجدال قد لا ترتاح نفسه ، إلا بالمجادلة ، فيحاول قمع صاحب الحق بكثرة كذبه ، وإفترائه ، ليظهر الحق لنفسه ، وأنه هو صاحب الحق ، ومحاوره على باطل ، برغم زيفه وكذبه هو .
ولكن هذا المكثر والمحب للجدال ، والمفتري على الآخرين بغير حق ، مصيره إلى زوال ولا يدوم ،لأن الجدال والخصومة مذمومة، فإذن صاحب الجدال مذموم ، غير محبوب ، لإنه يبتعد عن الحقيقة التي ينشدها اهل الخير، فلا مكان لديه بينهم ، وإن أظهر بطولاته في الجدال .
قال الله تعالى : ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقال تعالى : ( مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ) .
قال الإمام النووي رحمه الله (: ما رأيت شيئاً أذهب للدين ، ولا أنقصَ للمروءة ، ولا أضيع لِلَّذة ، ولا أثقل للقلب من الخصومة )
)) الأوزاعي : (( إذا أراد الله بقوم شراً ألزمهم الجدل ، ومنعهم العمل قال
وأخرج أن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله قال ( من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقل ) .
وقال عبدالله بن حسين بن علي رضي الله عنهم ( المراء رائد الغضب ، فأخزى الله عقلاً يأتيك بالغضب) .
وقال محمد بن علي بن حسين رضي الله عنهم ( الخصومة تمحق الدين ، وتنبت الشحناء في صدور الرجال ) .
وقيل لعبدالله بن حسن بن حسين : ( ما تقول في المراء ؟ قال : يفسد الصداقة القديمة ، ويحل العقدة الوثيقة . وأقل ما فيه أن يكون دريئة للمغالبة ، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة ) .
انشد الأمام الشافعي رحمه الله في شأن الجدال قائلا :
قالوا سكتَّ وقد خوصمتَ قلتُ لهم *** إن الجوابَ لِبَابِ الشَّرِّ مفتاحُ
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفٌ *** وفيه أيضاً لصون العرض إصلاحُ
أما ترى الُأسْدَ تُخشى وهي صامتةٌ *** والكلب يُخسى لعمري وهو نباحُ



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات